الجزيرة- سناء القويطي- الرباط- 10/2/2018
أكد مشاركون في ندوة مغربية حول “هوية القدس ومركزها الديني والحضاري” مكانة القدس الدينية والتاريخية والمعمارية، داعين المانحين في الدول العربية إلى حمايتها من محاولات تهويدها وإلغاء الوجود الإسلامي والمسيحي بها.
ونظم الندوة أمس الجمعة وكالة بيت مال القدس ووزارة الثقافة والاتصال ضمن فعاليات المعرض الدولي للكتاب والنشر بالدار البيضاء.
وقال محمد سالم الشرقاوي المدير المكلف بتسيير الأمور الجارية بوكالة بيت مال القدس الشريف، إن الوكالة تعمل في سياق اختصاصاتها على المحافظة على الهوية العربية للقدس من خلال حماية الوثائق وصيانة الذاكرة الجماعية وتبويب وإصدار الدراسات المحافِظة على الحق العربي والإسلامي في القدس.
واعتبر في حديث للجزيرة نت على هامش الندوة أن من شأن هذا العمل أن يعطي الدليل لمن يحتاجه على أن هذه الأرض لم تكن أبدا إلا أرضا عربية إسلامية رمزا للتعايش والسلام والأمن في العالم.
وبعد أن لفت الشرقاوي إلى أن تنظيم هذه الندوة يأتي في سياق النقاش السياسي والقانوني الدائر حول هوية القدس ومركزها الديني والحضاري، أشار إلى أن ملك المغرب محمد السادس رئيس لجنة القدس يدعو دائما إلى حماية الوضع القانوني للقدس الذي كان دائما دالا على حضور عربي إسلامي متميز في المدينة وعلى تعدد هويات القدس لكل أتباع الديانات.
مواجهة التهويد
من جهته أشار مدير التعليم الشرعي في القدس والمسجد الأقصى ناجح داوود بكيرات إلى مواجهة برنامج تهويد القدس وحرب الحفريات التي أدت إلى تدمير معالم المدينة الحضارية ومبانيها العمرانية وذلك بإنشاء خريطة للاحتياجات في مجال الحفاظ على الآثار والمواقع التاريخية والأثرية والعلمية، ووضع قائمة بأهم المباني المعمارية التي تحتاج للصيانة حسب الأولويات.
وطالب بكيرات في كلمته بالندوة المانحين بالحفاظ على معالم المدينة وتفعيل الصناديق الخاصة بالقدس لإنقاذها من الذين يريدون اختطافها وجعلها لليهود فقط، مشيرا إلى أن إسرائيل تضخ 10 ملايين دولار يوميا لتهويد المدينة متسائلا “ماذا أنفقنا نحن للحفاظ عليها”.
أما مدير دائرة الخرائط في بيت الشرق بالقدس خليل تفكجي فأشار إلى أن “الاحتلال أنشأ تحت مدينة القدس مدينة أخرى من الأنفاق لأنه يريد إيجاد أثر له وخلق رواية مفادها أن العربي والمسلم لا وجود له رغم أن قبة الصخرة كرمز إسلامي لا يمكن لأحد أن يلغيه وكذلك كنيسة القيامة بوصفها رمزا مسيحيا”.
ولفت إلى أن اختصار القدس في المسجد الأقصى من الأخطاء الإعلامية الشائعة، معتبرا أن القدس حضارة وتاريخ وحجر وبشر، فهذه المدينة “إنسان وهو الذي حمى الحجر فإذا دُمر الإنسان في القدس لن يبقى فيها حجر”.
بدوره وصف محمد دياب أبو صالح مدير البحث والتوثيق بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية سابقا، حديث الإسرائيليين عن الحق التاريخي في القدس بأنه “حجة مفلسة”، مشيرا إلى أن التوراة نفسها التي يستندون إليها لإثبات هذا الحق نصت في كثير من نصوصها على أن الفلسطينيين سكنوا هذه الأرض قبل ظهور بني إسرائيل.
أما الكاتب والصحفي اللبناني فيصل جلول فدعا إلى التفكير في قضية القدس بطريقة مختلفة، وذلك “بعدما أمضينا قرنا ونحن نتحدث عن الحق التاريخي ونُشهر الإثباتات والوثائق والخرائط”، معتبرا أن هذا العمل على أهميته لا يفضي إلى تثبيت الحق سياسيا على الأرض.
رئيس جاهل
وقال جلول إن السلطة الفلسطينية عندما اقترحت مسألة حل الدولتين وجعل القدس الشرقية عاصمةلفلسطين، حولت القدس من حق تاريخي إلى حق نسبي بالنظر للظروف السياسية القائمة، لكن الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضرب مقترح حل الدولتين على الرأس ووضع قضية القدس في سياق آخر مختلف.
ووصف السفير الفلسطيني بالرباط جمال الشوبكي الرئيس الأميركي بالجاهل لتاريخ المنطقة، وأشار إلى أن اليمين الأميركي والإسرائيلي أخطآ بشأن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل “لأنهم لم يُقدروا مكانة القدس في نفوس العرب والمسلمين والمسيحيين في العالم” موضحا أن ما حدث أعاد طرح القدس كأولوية في أي حل، معتبرا أن المدينة المقدسة هي مفتاح السلام والحرب.
وأكد الشوبكي أن الفلسطينيين لا يسعون الى الصدام مع الإدارة الأميركية بل هي التي تسعى للصدام بوقفها المساعدات والمقاطعات وفرض العقوبات. ومع ذلك -يقول الشوبكي- سيكون المستقبل للفلسطينيين لأن التاريخ أثبت أن الشعوب إذا سعت إلى الحرية فإنها تنالها.