اليوم العالمي للمستقبل

2022/12/02

يعد التخطيط للمستقبل أمراً أساسياً لاستدامة المجتمعات وازدهارها وقدرتها على الصمود في الأجل الطويل، وتتطلب معالجة المشكلات العالمية المستجدة إدماج عنصر استشراف المستقبل في عمليات إيجاد الحلول للمشكلات لضمان التنمية الشاملة للأجيال المقبلة في كل الظروف، لذلك جاء اعتماد اليوم العالمي للمستقبل بالإجماع ضمن مخرجات الدورة الـ41 للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، و الذي عقد في نوفمبر 2021 في العاصمة الفرنسية باريس، في إطار جهود المنظمة لتعزيز قدرات الدول في الجاهزية للمستقبل، واستحداث وسائل جديدة تعزز منظومة العمل العالمية والوعي بأهمية الاستعداد له وتمكين الدول من استخدام الأدوات التي تساهم في رسم المستقبل وابتكار حلول جديدة تدعم تحقيق التنمية، وتعزيز الحوار والتعاون الدولي الهادف لتحفيز والابتكار.

ظهرت الحاجة إلى تمكين اتخاذ إجراءات استباقية على جميع المستويات في جميع أرجاء العالم، وإلى الدراية بقراءة المستقبل في ضوء التحديات الصحية الصعوبات الاقتصادية الناجمة عن جائحة كوفيد- ١٩على الصعيد العالمي، بحيث أصبح الناس من جميع أنحاء العالم مشاركين في تصور المستقبل والتفكير المتواصل في المستقبل، لذلك تكمن قيمة اليوم العالمي للمستقبل في أهدافه المتعلقة بتعزيز الوعي العام بالمستقبل باعتباره مفهوماً يفضي إلى التنمية المستدامة، وبإبراز الطابع العالمي للأنشطة البشرية الاستباقية والخيال البشري، وبتشجيع التعاون والحوار على الصعيد الدولي بشأن الاستراتيجيات المتعلقة بالمستقبل والقدرات في مجال قراءة المستقبل على جميع مستويات عملية اتخاذ القرارات.

تعتبر فئة الشباب هي الفئة الأكثر تأثيراً في المجتمع الفلسطيني، والقوة الكامنة القادرة على صنع التغيير وبناء المستقبل، إذ يشكلون المورد الوحيد والاستثمار الحقيقي للشعب الفلسطيني، لذا يتوجب على كافة المؤسسات سواء كانت حكومية أو خاصة الاستثمار بهذه الفئة من أجل إحداث تنمية حقيقية ومستدامة، حيث أن عدم الاستثمار في هذه الفئة المنتجة وتركها دون الرعاية المطلوبة سوف ينعكس سلباً على المجتمع وعلى هدف تحقيق التنمية، خاصة وأن تهميش طاقات الشباب وتركهم دون تمكين يحولهم إلى عناصر هدامة للتنمية في الحاضر والمستقبل.

هنالك الكثير من التحديات أمام الشباب الفلسطيني، ابتداءً بارتفاع معدلات البطالة وخاصة في صفوف الخريجين الجامعيين، وارتفاع أسعار السلع والعمل في مجالات خارج نطاق التخصص الأكاديمي، بالإضافة إلى الحصار الشديد المفروض على قطاع غزة من قبل الإحتلال، وسيطرته على أجزاء كبيرة من الأرض الفلسطينية في مناطق الضفة الغربية، بما فيها المنطقة “ج” والقدس الشرقية، وفي بناء جدار الفصل العنصري والاستمرار في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي، ومحاولات عزل وتهويد القدس الشرقية ومقدساتها، وأسرلة التعليم وقرصنة المناهج في القدس، مما يتطلب رسم سياسات اقتصاد كلي قادرة على توليد فرص العمل اللائق، وتوفير فرص عمل للمجموعات المهمشة، والتقليل من الفرص الهامشية التي يتركز فيها النساء والشباب، بالإضافة إلى تعزيز إمكانية الوصول إلى المعلومات والمعرفة.

ومن الفرص الذهبية التي يمكن استغلالها في خصم هذا الموضوع هو خلق شراكات إبداعية تعزز الصمود وتساهم في خلق فرص عمل جديدة وفتح أسواق عمل خارجية غير تقليدية و إشراك القطاع الخاص في وضع السياسات الوطنية وبناء القدرات، كما يتطلب من المؤسسات الأكاديمية إعادة النظر في المناهج الدراسية وبناء التخصصات اعتماداَ على دراسة سوق العمل، وقد جاء تشكيل المجلس الأعلى للإبداع والتميز وتخصيص صندوق لدعم هذه الأفكار كمحصلة لسلسة قرارات من أجل احتضان كافة الأفكار الإبداعية.

وعلى مستوى اللجنة الوطنية الفلسطينية للتربية والثقافة والعلوم، فقد قامت اللجنة بالعمل مع المنظمات الدولية المتخصصة (اليونسكو والإيسيسكو والألكسو) وبالتعاون مع مختلف جهات الاختصاص على تبني العديد من المشاريع التي تركز على القطاعات الحديثة التي تخدم استراتيجيات التنمية المستدامة والموجهة نحو قطاع الشباب والمناطق النائية .

كما تسعى اللجنة الوطنية إلى زيادة أفق مشاركات الشباب على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ومن آخر شواهد ذلك حصد الشباب الفلسطيني للمراكز الأولى في فعاليات الأسبوع العربي للبرمجة 2022 والذي يُعنى بتطوير مهارات الذكاء الإصطناعي لدى طلاب المدارس ووعيهم بالبيئة من حولهم، والذي أقامته المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والألكسو، وأشرفت اللجنة الوطنية على متابعة وتنسيق المشاركة الفلسطينية فيه.

وتدعو اللجنة الوطنية في هذا اليوم إلى تشجيع ودعم وتمكين الطلبة والباحثين والمتخصصين لاستشراف الأفكار الخاصة باليوم العالمي للمستقبل، وإبراز ثراء كل النظريات المتعلقة بالمستقبل ومناقشتها، من خلال مجموعة أنشطة تمتد من التنبؤ المستند إلى البيانات واستقراء الأنماط المعروفة إلى عمليات وضع السيناريوهات وعمليات بناء المعارف الجماعية.